الخميس، 15 أغسطس 2019

قصيدة يا هاجسي لسلطان الصريمي

ﻳﺎﻫﺎﺟﺴﻲ ﻛﻢ ﺃﻧﺎ ﺷﺼﺒﺮ
ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﺧﻠﻔﻲ ﻭﻗﺪﺍﻣﻲ
ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻣﺎﻳﺸﺒﻊ ﺍﻟﺠﺎﺋﻊ
ﻭﻻ ﻳﺒﺮﺩ ﻋﻄﺶ ﻇﺎﻣﻲ
ﻳﻤﻴﻦ ﻻ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻫﺪﻳﺮ ﺟﺮﺣﻲ ﻭﺁﻻﻣﻲ
ﻭﺍﺭﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺗﺄﺗﻲ
ﺧﻴﻮﻁ ﺣﺒﻲ ﻭﺃﺣﻼﻣﻲ
ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﻧﺎﺭ ﻻﺗﻄﻔﻲ
ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﺑﻌﺪ ﺇﻋﺪﺍﻣﻲ
ﻳﺎﻫﺎﺟﺴﻲ ﻧﺬﻝ ﻣﻦ ﻳﺴﻜﺖ
ﻭﻧﺬﻝ ﻣﻦ ﻳﺮﺗﻀﻲ ﺑﺎﻟﻌﺎﺭ
ﺍﻟﺪﻭﺩﺣﻲ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﻘﺼﺔ
ﻭﺭﻗﺪ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ ﺑﺎﻟﺪﺍﺭ
ﺃﻋﻄﻰ ﻟﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﻐﻠﺔ
ﺑﺤﺠﺔ ﺍﻟﺠﺎﺭ ﻋﻮﻥ ﺍﻟﺠﺎﺭ
ﻳﺎﺣﺴﺮﺗﻲ ﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ
ﺗﺪﻕ ﻃﺒﻠﻪ ﻗﻔﺎ ﺯﻣﺎﺭ
ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻠﻬﺎ ﺷﻮﻛﺔ
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺴﻤﺎﺭ
ﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ﺗﺴﺤﺮ ﺍﻟﺸﺎﺑﻊ
ﻭﺟﺴﻤﻬﺎ ﻳﺪﻫﺶ ﺍﻟﺠﺮﺍﺭ
ﻳﺎﻫﺎﺟﺴﻲ ﻛﻠﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮ
ﺑﺎﻟﺼﺪﻕ ﺑﺎﻧﻜﻤﻞ ﺍﻟﻤﺸﻮﺍﺭ

ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺼﺮﻳﻤﻲ

الأربعاء، 14 أغسطس 2019

طالت الحرب

الكل يقول طالت الحرب، الكل يستغرب لماذا كل هذه الفوضى والحقيقة كل الذي يحصل هو الفيروسات والأوبئة التي اخترقت جسد الشعب خلال فترة التيه الطويلة واليوم الجسد يتقرح وتخرج هذه الأوساخ  دورة المرض سوف تنتهي ويصح الجسد من جديد

لا نملك الثروات ولا قوة السلاح لكننا نمتلك الصبر وبإذن الله سوف نبني وطن ونحيا من جديد.

الخميس، 1 أغسطس 2019

المغبش ٢

.                 الـمُغَـبّـــــــشْ (٢)

                               عبد الملك الحاج

عاد المغبش الى قريته في الشهر الثالث من العام الاول لسبعينات القرن الماضي، بعد سنوات عدة من الهجرة والاغتراب قضاها في بلاد الحبشة.....

لقد شد الرحيل مع الكثير من ابناء منطقته الذين سافروا في تلك الفترة وتركوا اهلهم وهجروا نسائهم وهاجروا الي الحبشة.
فعانى حرقة البعد وويلات الاغتراب ولم يطيق مرارة فراق الاهل فقد اشتاق لاهله ولقريته.
لقد عاد لزوجته ولابنته الغالية، ولذلك الذراع الذي احتضن المغبش بالامس وحيدا ليحتضنه اليوم بعد ان صاروا ثلاثة هو وزوجته وابنته الوحيد بمحبة وحنية ويغمرهم بالحنان.
كان المغبش يذهب الى عدن للعمل بدكة المعلاء استمر هناك لفترة ثم عاد الى القرية وكانت المنطقة غير مستقرة انذاك وكان الاهالي في تلك الفترة ملزمين بالحراسة الليلية في المنطقة..

"محسن" ياخذ موقعه بالحراسة بين (صبل العظروط وصبل المرد)، وهناك افترش مئزره ووضع مشدته على حجر ثم دكى عليها.

كانت تلك الليله مقمرة وكان محسن يقوم بتفتيش بعض الماره من الحمارة والمقاوته الذاهبين الى المغنية وسوق الربوع، فجمع الكثير من القات من جميع الانواع ثم عاد ليخزن وامامه شربة الماء وباكت سجارة مارب واكياس القات.
مر المقوت (الصوال) بحمارة فاوقفه محسن وهو متكى في مكانه..

محسن: حيثك ولا حركة انت مخرب.
الصوال: اعقل ومحسن مسرع قا شردت عاد نحن باول الليله.
محسن: مو معك بالخرج قنابل.
الصوال: يا الله الليله انا ومحسن.. معي قات.
محسن هيا طعمنا منه.
الصوال: هااااا. خزن و محسن انت واصحابك.. ثم ينزق حماره ويذهب.
محسن: يلتفت شماله ويمينه.. اتمسي يا صوال قول يا مطلوب منهم اصاحبي.
الصوال: يضحك وهو يسير.. العظروط والمرد قدهم جنبك مبحشمين.

عاد محسن ليكمل سمرته لكن باله مشغول بالعظروط والمرد وطاهش حُماله، فكان يتلفت حواليه طوال الوقت الى ان سمع وقع اقدام، وعندما ركز بنظره شاهد احدهم قادم نحوه، فكان القمر يختفي احيانا بين السحاب وعلى زحاح الشفق كان يخيل له بانه كلما اقترب ذلك القادم اكثر كلما طال اكثر، الى ان اصبح على مسافة قريبه منه صاح محسن بصوت مفجوع..

محسن:    ولا حركة مكانك.
الشخص القادم عرف صوت محسن فيرد عليه: انا و محسن (المغبش) ما عرفتناش.
محسن: على غيري قا اشبهت بالمغبش واجيت جنابي..  منو انت.. المرد والا العظروط.
المغبش:    انا المغبش..  مو جلسك اونه بهذا الوقت.
محسن:     ماناش جالس بمحلك ذكوا الصبل حقك محد قرب جنابه بلا تحراش.
المغبش:     انا زوج خالتك نعمه و محسن.
محسن:     المغبش بداخل عدن مو شندوه اذي الساع لا عندنا والطريق مبند..  انت واحد من اثنين يا المرد والا العظروط، تحسبوا اشتزيدوا عليا و بني بمبات.....
المغبش:    اتمسي يا محسن انا المغبش اجيت امس من عدن... ثم يقترب خطوات.
محسن:   وهو ممسكا بعصاته اقلك مكانك كما اشتقرب جنابي.. ويرفع عصاته ويخبط بها المغبش بكل قوته.

المغبش:   يمسك بمحسن ثم يرفعه فوق رأسه للاعلى بامتداد يديه المرتفعتين ويدور به دورتين..
ذحين مو شورك انا المغبش والا ارجمبك للرصده...
محسن:     انا ربيعك.. انا عند الله وعندك  الا انت المغبش بشحمه ولحمه نزلنا..زاد عليا الصوال..
ينزله المغبش ثم يتعانقان.
محسن:    وانا فداك ومغبش منين اجيت اذي السع.
المغبش:      كنتو عند عبده عبد الله بالمليسا، شسافر الصبح السعودية يشقي.. مو تعمل انت اونه.
محسن:   قالوا نحرس البلاد من المخربين.
المغبش: شتزقرهم بالعصيان ثم يضحك.
محسن: اصة اصة مو تسمع و مغبش..
المغبش: اسمع هرير سياره، عند السقاية بس مطفي السراجات.. بخاطرك انا شركب معاهم.
محسن: قر و مغبش.. ما فيش سيارات يخرجين اذي السع، الراهده مجشش جشاش.. والدنيا يسك..

كانت الساعة تشير الى الثانية عشر منتصف الليل، تقترب السيارة اكثر انها سيارة عسكرية، يقف محسن على مقربه من الطريق ويضع عصاته الى جانبه كي يوهمهم بانه مسلح....

محسن: اوقف محلك من معي.. 
احدهم: معك قايد القطاع..
محسن: عرفتوه .. لكن اين اشتسيروا يا فندم.
القايد: دورية نتفقد الحراسات حق المشايخ.
محسن: ينظر الى السيارة تمام يا فندم تمام.
القايد:  ريع لنا هانا ولا تتحرك.. لو ما ارجع عاد اديك بندق جديد مكافئه.. شا اسير وارجع بساعتي. 

تتحرك السيارة با اتجاه الهجر، اما المغبش فكان بمكانه يراقب عن بعد ولم يشعرهم بوجوده.
انه القائد العسكري للقطاع وفي المقعد الخلفي شاب لا يتجاوز عمره السابعه والعشرين يتوسط اثنين من الجنود.

المغبش: عرفت الوليد اللي بالوسط.
محسن: هو من حق جنابنا اما الباقي من حق مطلع: انا قلبي يرجف به شي شوقع..  قد صياد وبناته يلعبين شرح براسي و مغبش.

لم تمضي سوى فتره قصيرة لا تتجاوز العشر الدقائق حتى ارتفعت اصوات طلقات نارية سريعة مصدرها شعبة الجبارنة.

المغبش: ينهض مفزوع.. هيا قوم نجزع .
محسن:  تقول مو وقع.
المغبش: مدري بس شرجعوا جنابك.
محسن: باين عليه ام الصروم اشتحلق، وانا مو عملتو شرجعوا جنابي.
المغبش: ما سمعتش مو قلك تني لما ارجع لك، قوم هيا اشتل.

انتقلوا الى مكان قريب بين الزراعة، عادت السيارة الى نفس المكان الذي كان فيه محسن ثم توقفت انهم يبحثون عنه لكنهم لم يجدوه.

القايد: انزلوا ابصروا اين سار.. يعوا والفعله. عيفضحنا هذا الخضعي.. 
يبحثوا عنه في جوانب الطريق لكن دون جدوى، فيناديهم القايد.. مش وقت هيا.. غدوه عنبصر ما بنسوي فيه.. تتحرك السيارة عايده با اتجاه الراهدة.

المغبش يمشي بخطوات سريعة ويتبعه محسن لقد مرو من جانب بير الكربي واصبحوا الان على مقربه من المكان الذي تم فيه اطلاق الرصاص.
كان المغبش يحمل بجيبه كشاف صغير وبعد ان بحثوا في الاحوال الزراعية المجاورة وصلوا الى الجدله الاولى من شعبة الجبارنة. المغبش: انت اتجه بشق وانا بشق.
محسن: مله ما راش دجاهي.. الدنيا غدره.
المغبش: اتحسس بارجلك .. وسير دلا دلا على زحاح القمر.

ينطلق كل واحد منهما في اتجاه، كانت (الجدله) واسعه وطويله انها ارض زراعية منبطحة ومفتوحة، كانت الزراعه في تلك السنه خصبه ومثمرة وكانت تلك الجدلة ممتلئه تماما ولم يستطيعوا التحرك او السير في وسطها الا بصعوبة شديدة فهي لا تزال (جهيش ولحام وثامرة)، ويوجد فيها ايضا بعض الاشجار المتعرجة كالدجر والكشري، تعيق تحركاتهم بين الغلة، انها حقا ليلة موحشة وعصيبة للغاية فالخوف والرعب منتشر في جميع ارجائها، استمروا بالبحث الى ان نادى محسن من وسط الجدله بصوت خافت ومرعوب.
محسن: يا مغبش غير عليا عند الله وعندك اوحي الزئبة تكشنا للعظم معرفتوش اسير من الخراون وعراوي الدجر.
المغبش: دور سكته نحن قريب الطريق والموقع جمبنا.
محسن: هه هه مو ذه ..  مغبش مغبش الحقنا. نفسي اشتخرج.  اقولك رزبتوا ولا عاد انديت وتله..  ركبي فلتين.
المغبش: مو بك لقيت شي.
محسن: اجري الحقنا  مدري مو زقر رجلي.
المغبش: سكته خبر دلا شسمعونا.
محسن: اقرب ضوي بالتريك احس بحاجة رطب عند ارجلي.

كان محسن مرعوب ويرتعش من الخوف يقترب المغبش ويسلط الضوء على المكان وهناء كانت الفاجعة انه ذلك الشاب الذي شاهده محسن في سيارة العسكر قبل قليل.. يا لها من لحظات مرعبة وهم في ذلك المكان المخيف.
محسن: يصمت قليلا ثم يحتضن المغبش وانا فدالك و خال لو ما هتبك ارحم الراحمين لا عندي الليلة.. اكفاتنا ذلحين مقشوع جمبه.
المغبش: شوف لوجهه اتحقق خينه اشتعرفه.
محسن: قهري على شبابه صورته متعلم.. كاننا شعرفه.. 
المغبش: عاده بعز شبابه.. الله لا رحمهم.
محسن: تقول عاده ما يناهفش.. مدري لوعاده يكون به عرق.
المغبش:  يحاول ان يتفحصه.. قا شكوا ظهره بقرن رصاص.. مو قليل.
محسن: اوه قهري عليك يا ابني.. يكون قلب امك ذحين يثرب عليك مثل المافي.

المغبش: اجي نعاين من اين سحبوه من جناب الرصده..  هااااااا   الخشار ذاهن مذرذرات.. ضربه من اذه المكان.
محسن:  اونه دم كثير وفي ثور سحباب الجزمه حقه طحطحوا الزرع ودخلوه لا وسط الجدله.. وكبنوه على وجهه مثلما هو.
المغبش: هيا قوم اتحركنا ذحين.. نسير جناب الشيخ والعقال تقلهم باللي وقع وهم يحنبوا، لكن كما اشتذكرنا بلسانه.. حسك عينك و محسن..

يتحرك محسن يبلغ العقال ثم يختفي هو والمغبش.
صباح اليوم التالي يتم تبليغ القيادة يتحرك القايد  الى مكان الحادثة هو وحراسته وعدد من ضباط المواقع.
القايد: المشايخ والعقال هم المسئولين عاد اجلع عيونهم.. المخربين بيباتوا يتمشوا بالمنطقه وهم راقدين ببيوتهم.
الشيخ: نحن عملنا اللي علينا وخلينا المواطنين يحرسوا يا فندم.
القائد: اين هي الحراسة حقك لوكان به حراسة ما حصل اللي حصل..
اشتي مشايخ الناحية يوصلوا كلهم.... كيف قتل مقتول بجنب الموقع العسكري وما بندراش بشي..
ثم ينادي للجنود الموجودين ويقول:
عساكر يالله اجمعوا كل الاعيان والعقال والمشايخ والمشتبه بهم من المخربين ودخلتموهم الزنزانه الان..
في هذه اللحظة وبشكل مفاجئ يخرج من داخل الغلة الزراعية في وسط الجدلة التي بها جثة الشاب المقتول "محسن" وينط الى امام القايد والعقال والمحتشدين..
محسن:  و سيدي اذه (ويشير باصبعه للشاب القتيل) كان معك ليلة امس بالسيارة حقك الساعة 12.
القايد تتغير ملامح صورته: ما بتقول يا خضعي..
محسن: مسرع نسيتنا و فندم انا اللي كنت احرس بالليل برون العظروط ووقفتوك انت وخبرتك، وعاده بالامارة قلتلي لما ترجع اشتندي لي "بندق جديد لنج" واذه الابن المقتول كان معاكم.
القايد: يرتبك امام الجميع ويشعر بانه قد افتضح ثم ينظر بنظرات غاضبة باتجاه احد ضباطه المتواجدين معه... ويقول للشيخ والعقال:
ذلحين مش وقت سيروا ادفنوا الجثة وبعد الظهر عا نلتقي بالقيادة ونهدر..

احتشد المواطنين الى شعبة الجبارنة وقاموا بنقل الشاب المقتول للمقبرة بسيارة لاند روفر حبة ونص يملكها عبده فرحان صهير المغبس.. ووصلت السيارة الى المقبرة وخلفها جموع كبيرة من ابناء المنطقة والحزن يرتسم على وجوههم متعاطفين مع هذا الشاب الذي لا يعرفونه وانما كتعبير احتجاجي لقتله بتلك الطريقة.
وتم دفنه بتلك البدلة التي كان يرتديها بنطلون وشميز وجزمه تصل الى منتصف الرجل ولا يزال قبره في ذلك المكان المعروف بقتيل الجبارنة.

في المساء يتوجه محسن الى ذراع الابل ليسمر هناك على سطح منزل المغبش..

المغبش: لمه ما رقدش و محسن صورتك قي مصفر.
محسن: منين شجي لي نوم اجي شغمض عيوني وشفت صورة الابن بين عيوني وفزيت.
المغبش:     مو اللي يفززك.
محسن:    شجلس اتفزفز طول عمري.. ما شنسيش هذي الليلة لما اموت.
المغبش:   يضحك ثم يقول له.. مو الخبر.
محسن:    كانوا شطحنوا البلاد طحن.
المغبش:    ما اتخبرتش من اين الابن.
محسن:    الا يقولوا من الغليبة مزوج ومعه بنية طلع من عدن كان قده بالزربي ومدري منه طبز به ...........

                                   ..............  يتبع