كفاية أوهام ومغالطات لم يبقى لنا ما يمكن أن نسميه دولة يمنية، أين هي الدولة التي يمكن أن نقول أنها موجودة؟
١. من أهم مقومات الدولة هي ثقافة العمل والإنتاج والتعايش بين كل أطياف الشعب وهذه الخاصية المهمة تلاشت نتيجة البطالة والفساد المتوارث والتي دفعت بالقوى العاملة إلى أتوجه إلى جبهات الموت في حرب لم يعد لها هدف سوى القتل والدمار، مات منهم من مات وعاد منهم الكثير معاقاً يبحث عن من يقدم له الدواء ومن تبقى منهم سوف يعود عندما يكتمل دورهم بهذه الحرب الملعونة محبطاً بعد أن فقد مهنته التي كان يفترض أن يعمل بها قبل ذهابه إلى الحرب وحين ذاك سوف يكون هذا العائد خطراً وقمبلة بيد من سوف يدفع له من قوى الشر ولصوص الثروات،، بالإضافة إلى ثقافة الكراهية التي عمقتها سنوات الحرب بين أبناء المجتمع الواحد .
٢. الكهرباء معطلة منذ ٥ سنوات في المناطق الشمالية وفي المناطق الجنوبية غير عملية وشعبنا أنفق المليارات في شراء بدائل لمعالجة إنقطاع الكهرباء كانت تكفي لإقامة محطات كهرباء تعمل بالطاقة النوويه كان بالإمكان تحاشي هذا الإهدار من الأموال لو كانت هناك دولة تهتم ببناء إقتصاد قوي يعود بالرخاء على الشعب.
٣. الموظفون بلا مرتبات شهرية تصل إلى سنوات في كثير من المحافظات،، تجرعوا مرارة الحاجة والخذلان أمام أطفالهم ومن يعولون.
٤. الطرقات معطلة والمدن محاصرة والمشوار الذي يحتاج دقائق يضطر الناس للسفر ساعات طويلة بكل معاناة وشقاء
٥. القوة الاقتصادية تدمر وذلك من خلال عملية النقل الغير الآمنة والطرق الوعرة التي تسبب مضاعفة السعر هذا غير الاهلاك والدمار لوسائل نقل البضائع في مناطق كثيرة من الوطن.
٦. المواطن أغلقت عليه المنافذ الحدودية ويضطر للسفر على سبيل المثال من صنعاء إلى مارب يتجرع مرارة السفر وأن يظل مسافر يومين ليصل إلى سيؤن بحضرموت وفقد الكثير من المسافرين حياتهم وأموالهم أما بسبب رداءة الطرق أو قطاع الطرق.
٧. الموانئ معطلة وما يسمح به من العمل بها إلا القليل من طاقتها التشغيلية وتضطر السفن للبقاء شهور في البحر واقفة حتى يسمح لها بالدخول إلى الموانئ وهذا يسبب في إرتفاع فاتورة التأمين من قبل الشركات مما يضاعف القيمة على السلع يتجرعها المواطن الغلبان بالإضافة إلى فقدان هذه الموانئ لسمعتها التجارية ونفور شركات النقل من الرسو فيها.
٨. المطارات لم يعد هناك إلا إثنين أو ثلاثة منها تعمل بنسبة ضئيلة من طاقاتها لمراعاة الظروف الإنسانية.
٩. التربية والتعليم هذا الحق الإنساني الذي كفل مجانيته الدستور تعرض للضرر والهدم خلال عقود من الزمن والضربة القاضية كانت إضراب تجاوز الشهرين بسبب تعنت وفساد الحكومة وفي المناطق الشمالية المعلم بلا راتب لسنوات والمناهج يتم إفراغها من قيمها الوطنية.
١٠. العملة النقدية للوطن ضربت بسقوط قيمتها أمام الدولار والعملات الأخرى وآخر صيحة بالتعذيب للشعب المغلوب على أمره الفرز بين العملة الجديدة والقديمة وما يسبب ذلك من معاناة وهرم لبائع الخضرة وصاحب المطعم وبائع الاقمشة والصيدلة والمواد الغذائية وحرمان الموظف من راتبه بسبب ذلك.
١١. الصحة دُمرت ونواجه كل يوم مرض جديد من كوليرا والحميات تنوعت وتشعبت آخرها الكرفس وأيضا المستشفيات الحكومية تعطلت وما بقى منها يعمل خاص بامراء الحرب ويموت الكثير بالأخطاء الطبية.
١٢. الأمن غائب ويُقتل الجرحى في المستشفيات والأطفال بالطرقات وعابر السبيل لا يعلم هل ستكتب له عودة إلى أهله أم لا ونهب للمتلكات الخاصة والعامة .
١٣. المحروقات يتضاعف سعرها والمواطن يضطر أن يدفع ولا أحد يعلم أين تذهب كل هذه الجبايات.
١٤. السيادة الوطنية نتسأل هل بقيت سيادة للدولة على تراب الوطن وبحره وسمائه بعد أن وضع الخارج يده عليها.
وهناك الكثير من الأمور لم تسعغني الذاكرة لرصدها
بعد كل هذا هل بقيت لنا دولة؟
نعم الدول لا تموت ولكنها تتمزق، المشكلة تركبت على الإنسان المواطن الذي كتب عليه أن يعيش على هذه الأرض هو الذي يدفع ثمن كل هذا الضياع والدمار ويحمل همه وهم أولاده الذين لا يستطيعوا الحياة بلا وطن ودولة.
مشكلتنا الرئيسية تكمن في ثقافتنا المشوهة التي لا تحمل معاني قيم الإنتماء للوطن ولم تنمي معاني إحترام النظام والقانون والعدالة المتساوية لكل الناس على أرض هذا الوطن.
إلى كل الأحرار والحرائر استعيدوا زمام المبادرة في الحفاظ على ما تبقى من ركام الدولة لتخلقوا منه دولة جديدة، لا أقول أن تحملوا السلاح للقتال فقد جربناه مرارا ولم ينبت لنا إلى الدمار والألم ونسخة كريهة لمن سبقوهم بالفساد ولكن أولا فعلوا مهامكم ودوركم في نشر ثقافة الوطن من خلال أعمالكم وتعاملكم وإخلاصكم في الوظيفة والمزرعة والتجارة والحي والقرية والمدينة وذلك بعيداً عن الخطابات الرنانة التي استمعنا لها في المنابر ولم تصلح لنا شعباً ولا وطناً.
الحق أقوى والباطل ضعيف. اغسلوا مدنكم وقراكم لكي تغتسل معها عقولكم وأدرانكم فالبيئة النظيفة لا تنتعش فيها الجراثيم والأوبئة.
لا أمل إلا بثقافة تقف على العقيدة والسلوك المستقيم لكل إنسان رجلاً وامرأة، بعدها لن تضطر لحمل السلاح لأجل مقاتلة أخيك لأجل السلطة،، فقط سوف تحتاجه لدفاع عن وطنك من الغزاة.