السبت، 29 فبراير 2020

الدولة المفقودة وكيف نستعيدها.

كفاية أوهام ومغالطات لم يبقى لنا ما يمكن أن نسميه دولة يمنية، أين هي الدولة التي يمكن أن نقول أنها موجودة؟ 

١. من أهم مقومات الدولة هي ثقافة العمل والإنتاج والتعايش بين كل أطياف الشعب وهذه الخاصية المهمة تلاشت نتيجة البطالة والفساد المتوارث والتي دفعت بالقوى العاملة إلى أتوجه إلى جبهات الموت في حرب لم يعد لها هدف سوى القتل والدمار، مات منهم من مات وعاد منهم الكثير معاقاً يبحث عن من يقدم له الدواء ومن تبقى منهم سوف يعود عندما يكتمل دورهم بهذه الحرب الملعونة محبطاً بعد أن فقد مهنته التي كان يفترض أن يعمل بها قبل ذهابه إلى الحرب وحين ذاك سوف يكون هذا العائد خطراً وقمبلة بيد من سوف يدفع له من قوى الشر ولصوص الثروات،، بالإضافة إلى ثقافة الكراهية التي عمقتها سنوات الحرب بين أبناء المجتمع الواحد . 

٢. الكهرباء معطلة منذ ٥ سنوات في المناطق الشمالية وفي المناطق الجنوبية غير عملية وشعبنا أنفق المليارات في شراء بدائل لمعالجة إنقطاع الكهرباء كانت تكفي لإقامة محطات كهرباء تعمل بالطاقة النوويه كان بالإمكان تحاشي هذا الإهدار من الأموال لو كانت هناك دولة تهتم ببناء إقتصاد قوي يعود بالرخاء على الشعب. 

٣. الموظفون بلا مرتبات شهرية تصل إلى سنوات في كثير من المحافظات،، تجرعوا مرارة الحاجة والخذلان أمام أطفالهم ومن يعولون. 

٤. الطرقات معطلة والمدن محاصرة والمشوار الذي يحتاج دقائق يضطر الناس للسفر ساعات طويلة بكل معاناة وشقاء

٥. القوة الاقتصادية تدمر وذلك من خلال عملية النقل الغير الآمنة والطرق الوعرة التي تسبب مضاعفة السعر هذا غير الاهلاك والدمار لوسائل نقل البضائع في مناطق كثيرة من الوطن. 

٦. المواطن أغلقت عليه المنافذ الحدودية ويضطر للسفر على سبيل المثال من صنعاء إلى مارب يتجرع مرارة السفر وأن يظل مسافر يومين ليصل إلى سيؤن بحضرموت وفقد الكثير من المسافرين حياتهم وأموالهم أما بسبب رداءة الطرق أو قطاع الطرق. 

٧. الموانئ معطلة وما يسمح به من العمل بها إلا القليل من طاقتها التشغيلية وتضطر السفن للبقاء شهور في البحر واقفة حتى يسمح لها بالدخول إلى الموانئ وهذا يسبب في إرتفاع فاتورة التأمين من قبل الشركات مما يضاعف القيمة على السلع يتجرعها المواطن الغلبان بالإضافة إلى فقدان هذه الموانئ لسمعتها التجارية ونفور شركات النقل من الرسو فيها. 

٨. المطارات لم يعد هناك إلا إثنين أو ثلاثة منها تعمل بنسبة ضئيلة من طاقاتها لمراعاة الظروف الإنسانية. 

٩. التربية والتعليم هذا الحق الإنساني الذي كفل مجانيته الدستور تعرض للضرر والهدم خلال عقود من الزمن والضربة القاضية كانت إضراب تجاوز الشهرين بسبب تعنت وفساد الحكومة وفي المناطق الشمالية المعلم بلا راتب لسنوات والمناهج يتم إفراغها من قيمها الوطنية. 

١٠. العملة النقدية للوطن ضربت بسقوط قيمتها أمام الدولار والعملات الأخرى وآخر صيحة بالتعذيب للشعب المغلوب على أمره الفرز بين العملة الجديدة والقديمة وما يسبب ذلك من معاناة وهرم لبائع الخضرة وصاحب المطعم وبائع الاقمشة والصيدلة والمواد الغذائية وحرمان الموظف من راتبه بسبب ذلك.

١١. الصحة دُمرت ونواجه كل يوم مرض جديد من كوليرا والحميات تنوعت وتشعبت آخرها الكرفس وأيضا المستشفيات الحكومية تعطلت وما بقى منها يعمل خاص بامراء الحرب ويموت الكثير بالأخطاء الطبية. 

١٢. الأمن غائب ويُقتل الجرحى في المستشفيات والأطفال بالطرقات وعابر السبيل لا يعلم هل ستكتب له عودة إلى أهله أم لا ونهب للمتلكات الخاصة والعامة .

١٣. المحروقات يتضاعف سعرها والمواطن يضطر أن يدفع ولا أحد يعلم أين تذهب كل هذه الجبايات. 

١٤. السيادة الوطنية نتسأل هل بقيت سيادة للدولة على تراب الوطن وبحره وسمائه بعد أن وضع الخارج يده عليها. 

وهناك الكثير من الأمور لم تسعغني الذاكرة لرصدها

بعد كل هذا هل بقيت لنا دولة؟

نعم الدول لا تموت ولكنها تتمزق، المشكلة تركبت على الإنسان المواطن الذي كتب عليه أن يعيش على هذه الأرض هو الذي يدفع ثمن كل هذا الضياع والدمار ويحمل همه وهم أولاده الذين لا يستطيعوا الحياة بلا وطن ودولة. 

مشكلتنا الرئيسية تكمن في ثقافتنا المشوهة التي لا تحمل معاني قيم الإنتماء للوطن ولم تنمي معاني إحترام النظام والقانون والعدالة المتساوية لكل الناس على أرض هذا الوطن. 

إلى كل الأحرار والحرائر استعيدوا زمام المبادرة في الحفاظ على ما تبقى من ركام الدولة لتخلقوا منه دولة جديدة، لا أقول أن تحملوا السلاح للقتال فقد جربناه مرارا ولم ينبت لنا إلى الدمار والألم ونسخة كريهة لمن سبقوهم بالفساد ولكن أولا فعلوا مهامكم ودوركم في نشر ثقافة الوطن من خلال أعمالكم وتعاملكم وإخلاصكم في الوظيفة والمزرعة والتجارة والحي والقرية والمدينة وذلك بعيداً عن الخطابات الرنانة التي استمعنا لها في المنابر ولم تصلح لنا شعباً ولا وطناً.

الحق أقوى والباطل ضعيف. اغسلوا مدنكم وقراكم لكي تغتسل معها عقولكم وأدرانكم فالبيئة النظيفة لا تنتعش فيها الجراثيم والأوبئة.

لا أمل إلا بثقافة تقف على العقيدة والسلوك المستقيم لكل إنسان رجلاً وامرأة، بعدها لن تضطر لحمل السلاح لأجل مقاتلة أخيك لأجل السلطة،، فقط سوف تحتاجه لدفاع عن وطنك من الغزاة. 

الثلاثاء، 25 فبراير 2020

الإضراب

مستغرب فقط أين ذهبت الإرادات والعقول زمان كان الآباء والأمهات رغم أن الكثير كان أمياً يقتطعوا من مصروفهم لكي يبنوا مدرسة ويصرفوا على المعلم من أجل أولادهم،،

واليوم مع أن الكثير من الرجال والنساء نالوا حظهم من التعليم ولكنهم لم يحركواً ساكناً رغم أن المدارس مغلقة لها شهرين والجميع نيام ولا حس ولا خبر ولا كأنهم يشاهدوا أولادهم يسرحوا ويمرحوا بالطرقات من الصباح حتى العاشرة ليلاً. 

الأربعاء، 12 فبراير 2020

التعليم في القرن الواحد والعشرين

*أفكار حول رؤية يمنية للتعليم في القرن ٢١*
ا.د.داود عبدالملك يحيى الحدابي 
 
العنوان يتكون من أربعة مفاهيم رئيسة رؤية ويمنية وتعليم والقرن ٢١. 
فمفهوم رؤية تتضمن تصور استراتيجي بعيد المدى لاحدى اهم مجالات الحياة حيوية وهي التعليم والتعلم  مع الاخذ في الاعتبار اننا نعيش زمن محدد يجب ان يراعى عند تصميم الخطط التعليمية.
وعليه يمكن ان نحدد المنطلقات الاساسية أي انه على من يقوم بامر التعليم أن يعي أنه يخطط لنظام تعليمي لمجتمع معين ذو ثقافة وهوية محددة زمانا ومكانا وجغرافيا. كما ينبغي ان يأخذ في الاعتبار أنه لايعيش في  معزل عن العالم فيتأثر ويؤثر ويتفاعل بإيجابية مع كل شيء مفيد ومسهم في عملية رفاهية الانسان اليمني والعربي والمسلم والانساني. فهذه دوائر متكاملة للسعي لتشكيل شخصية يمنية عربية مسلمة وعالمية. 
هذه الشخصية التي يتم تشكيلها لحياتها الفاعلة طيلة عمرها في الحياة فالتعليم لايقتصر على حصول الفرد على شهادة بل الاعداد للحياة  بتحدياتها وتقلباتها حتى الموت بل الى مابعد الموت. 
عمارة الارض ورفاهية المواطن والانسانية غاية اساسية. ومن متطلبات عمارة الحياة ان يؤخذ في الاعتبار اين أنت وفي اي عصر تعيش وماهو دورك في المجال الذي انت فيه لتسهم في اسعاد  نفسك واسعاد  من حولك من ابناء مجتمعك وامتك والبشر عموما. 
والنظام التعليمي اليوم يركز على المراحل ماقبل المدرسة والمدرسة والجامعة وينسى ان الحياة تتطلب التعلم المستمر مدى الحياة وعلى المجتمعات ان تساعد افرادها على مواصلة التعلم حتى الممات. فمن تعلم مثلا على سبيل المثال عند قيام الثورة اليمنية في الستينات والسبعينيات من القرن الماضي اصبح الى حد ما اميا في بعض مجالات الحياة ويكفي ان يجد الانسان نفسه جاهلا واميا تقنيا أمام احفاده . 
ان المعارف المتولدة تتضاعف خلال سنة واحدة ولك ان تنظر كم من الكتب والبحوث والابتكارات والصناعات والسلع والخدمات التي تتولد سنويا ستجد نفسك تعيش في محيطات مترامية الاطراف من هذه المعارف  لا يستطيع الانسان مهما اوتي من قوة ان يحيط حتى في بعض منها.
ومن هنا ياتي دور العلماء والخبراء وذوي الرأي والحكماء لتحديد ماهي اولويات النظام التعليمي التي على الفرد ان يتعلمها ويتربى عليها ليكون شخصية فاعلة في المجتمع الذي يعيش فيه في ضوء فلسفة وثقافة محددة له ثوابت ومرونة لاحداث تغيرات وتحولات ونقلات نوعية فالثابت محدود والمتغيرات كبيرة. بل يمكن القول ان الثابت قد يصل الى ٥% والمتغير ٩٥%. هذه المتغيرات تتطلب أن نعلم ونربي طلابنا على الابداع والابتكار وإعمال القلب والعقل والافعال لتحقيق مصالح ومنافع للمجتمع في ضوء منظومة قيمية وأخلاقية ثابتة تعزز المسار وتؤكد التوجه وتحقق رفاهية الانسان بجميع مكونات شخصيته العاطفية والعقلية والجسمية والنفسية والاجتماعية والروحية بشكل متوازن ومتكامل للفرد والأسرة والمجتمع والانسانية.
وحتى تتحقق فاعلية الانسان في حياته الشخصية والاجتماعية فعلى النظام التعليمي ان يتعامل مع طبيعة الانسان وفطرته. ومن ذلك ان يؤكد النظام على ان يجعل التعلم محببا للمتعلم محررا له نفسيا وعقليا ووجدانيا واجتماعيا وايمانيا. وهذا يتطلب التعامل مع قلبه اولا ثم عقله ثانيا ثم افعاله القولية والعملية ثالثا ومحققا لتوجيهه وارشاده في الحياة فيرتبط التعليم بالواقع الحياتي ويجب ان يكون جزءا منه يتم على ارض الواقع الحياتي بجوانبها المختلفة. وهذه الانشطة التعليمية التعلمية  تضبطها قيم واخلاق تغرس وتنمى مع مرور الزمن فتجعله بناء لا هداما ومغيرا ايجابيا لا مغيرا سلبيا. 
ومن متطلبات ذلك اعداد جديد للطواقم القيادية والادارية بما يناسب الثابت والمتغيرات واعادة هيكلة النظام التعليمي وتطوير انظمة فعالة واعادة النظر في عملية التاهيل التربوي والعلمي للمعلمين مع نظام وسياسة جديدة لاستقطاب  المعلمين المتميزين  وتحفيزهم والحفاظ عليهم. ومن ثم التطوير المستمر للمناهج والانشطة بمايناسب العصر والواقع ليس في الثمانين السنة المتبقية  من القرن ٢١ السنة فكل شيء في حاجة الى اعادة نظر كل عشر سنوات على الاقل بناء على التغذية الراجعة والاتجاهات العالمية.
فالتعليم المدرسي قبل عشرين سنة مختلف على ماهو عليه الان. وكما هو معلوم ان العديد من التخصصات الجامعية قد استحدثت وعدد منها قد اختفى خلال العقدين الماضيين. 
توفير مركز وطني للبحث والتطوير  يديره مؤهلون ومقتدرون يقوم بعملية تسديد وتوجيه القرارات التربوية لدى صناع القرار  من خلال دراسة الواقع و وانظمة العالم والتطوير المستمر لما يتم التوصل اليه.
اعتقد اننا اليوم اكثر من اي وقت مضى في حاجة الى تبنى التكامل المعرفي لحل تحديات وقضايا الحياة سواء في التعليم المدرسي او الجامعي او في تنفيذ البحوث العلمية حتى تكون ذات علاقة  مباشرة بحياة الناس. 
فلايكفي ان نفعل دور القلب والعقل والقول والعمل للطلبة  فحسب بل يجب ان يتعدى ذلك الى خروج الطلبة للمشاركة في فهم قضايا الحياة بروح ابداعية واستشعار دورهم في رفاهية المجتمع وتحمل مسؤولياتهم منذ بدء الدراسة. اصبح الاطفال يتعلمون اكثر من خارج المدرسة ففرص التعلم قد توسعت ولم يواكب النظام التعليمي ما يجري في الحياة فبدلا من ان يقود المجتمع لحياة افضل اصبح النظام التعلمي يقاد من خارج المؤسسات التعليمية. واصبح الطلبة بعيدين عن الواقع والمتخرجون لايفهمون الحياة بل عليهم  أن يذهبوا الى مؤيسات المجتمع للتعلم بعد التخرج. وهذه معضلة كبيرة وكاننا اصبحنا نعلم للحصول على شهادة لاتسمن ولا تغني من جوع.
اصبح التوجه اليوم للشخصية الناجحة في بداية القرن ٢١ ان يتعلم التفكير السليم واتخاذ القرار المنتج واستشعار روح المسؤولية والمرونة  مع الحكمة البالغة في التعامل مع الافراد والمجتمعات في العالم. الفرد ممكن يولد في احدى القرى النائية ويتعلم في احدى المدن ويعمل في بلدان مختلفة الثقافات والمستويات الاقتصادية والتقنية. كما عليه ان يتقن المهارات الحياتية والتقنية اللازمة لتفعيل دوره في الحياة مثل مهارات الاتصال وحل المشكلات واتخاذ القرارات وتعلم اللغات مع ثقة بالنفس والتحلي بروح المبادرة والعمل بروح الفريق والتحلي باخلاقيات التعامل والقيم المحفزة للانتاجية وتطوير الاداء. 
اصبحت المعرفة التخصصة بعلم واحد فقط مع تدني الاهتمام بتنمية جوانب الشخصية المختلفة لا تكفي لتنمية فرد فاعل وناجح في الحياة. 
ولتحقيق ذلك كله فنحن في حاجة الى قيادات مجتمعية وسياسية مدركة لروح المسؤولية وتوظيف القدرات التخصصية في مجالات التعليم للمساهمة في توجيه عملية القرار وتصويبه. ان المشاهد.لواقع التعليم والتربية اليوم في اليوم ليشعر بالحزن على مستقبل اليمن واليمنيين. وعلينا ان نواصل عملية التوعية بشكل مستمر دون يأس او قنوط. علينا ان نواصل مسيرة التوعية والتطوير لتاتي لحظات الخروج من المازق الحالي لنقوم في المساهمة الجادة في تطوير وتنمية بلادنا. قد يستغرب احدكم انني لم اتطرق الى الجانب المالي فرغم أهميته الا ان الانسان لاسيما القادة في الجميع المستويات هم من يولدون المال ويديرونه بفعالية. المال لا يصنع الناس الناجحين بل الناس الناجحين يصنعون المال. ولا داعي للحديث عن دول صنعت المال من هلال صناعة القادة ولينظر كل منا الى حال العديد من الدول مثل كوريا الجنوبية والصين وفيتنام وسنغافورة وتركيا وغيرها. ولننظر لدول لديها المال ولازالت في ذيل القافلة. 
وفق الله الجميع لخدمة مجتمعنا وامتنا والانسانية.

الثلاثاء، 11 فبراير 2020

التعليم في القرن الواحد والعشرين

*أفكار حول رؤية يمنية للتعليم في القرن ٢١*
ا.د.داود عبدالملك يحيى الحدابي 
 
العنوان يتكون من أربعة مفاهيم رئيسة رؤية ويمنية وتعليم والقرن ٢١. 
فمفهوم رؤية تتضمن تصور استراتيجي بعيد المدى لاحدى اهم مجالات الحياة حيوية وهي التعليم والتعلم  مع الاخذ في الاعتبار اننا نعيش زمن محدد يجب ان يراعى عند تصميم الخطط التعليمية.
وعليه يمكن ان نحدد المنطلقات الاساسية أي انه على من يقوم بامر التعليم أن يعي أنه يخطط لنظام تعليمي لمجتمع معين ذو ثقافة وهوية محددة زمانا ومكانا وجغرافيا. كما ينبغي ان يأخذ في الاعتبار أنه لايعيش في  معزل عن العالم فيتأثر ويؤثر ويتفاعل بإيجابية مع كل شيء مفيد ومسهم في عملية رفاهية الانسان اليمني والعربي والمسلم والانساني. فهذه دوائر متكاملة للسعي لتشكيل شخصية يمنية عربية مسلمة وعالمية. 
هذه الشخصية التي يتم تشكيلها لحياتها الفاعلة طيلة عمرها في الحياة فالتعليم لايقتصر على حصول الفرد على شهادة بل الاعداد للحياة  بتحدياتها وتقلباتها حتى الموت بل الى مابعد الموت. 
عمارة الارض ورفاهية المواطن والانسانية غاية اساسية. ومن متطلبات عمارة الحياة ان يؤخذ في الاعتبار اين أنت وفي اي عصر تعيش وماهو دورك في المجال الذي انت فيه لتسهم في اسعاد  نفسك واسعاد  من حولك من ابناء مجتمعك وامتك والبشر عموما. 
والنظام التعليمي اليوم يركز على المراحل ماقبل المدرسة والمدرسة والجامعة وينسى ان الحياة تتطلب التعلم المستمر مدى الحياة وعلى المجتمعات ان تساعد افرادها على مواصلة التعلم حتى الممات. فمن تعلم مثلا على سبيل المثال عند قيام الثورة اليمنية في الستينات والسبعينيات من القرن الماضي اصبح الى حد ما اميا في بعض مجالات الحياة ويكفي ان يجد الانسان نفسه جاهلا واميا تقنيا أمام احفاده . 
ان المعارف المتولدة تتضاعف خلال سنة واحدة ولك ان تنظر كم من الكتب والبحوث والابتكارات والصناعات والسلع والخدمات التي تتولد سنويا ستجد نفسك تعيش في محيطات مترامية الاطراف من هذه المعارف  لا يستطيع الانسان مهما اوتي من قوة ان يحيط حتى في بعض منها.
ومن هنا ياتي دور العلماء والخبراء وذوي الرأي والحكماء لتحديد ماهي اولويات النظام التعليمي التي على الفرد ان يتعلمها ويتربى عليها ليكون شخصية فاعلة في المجتمع الذي يعيش فيه في ضوء فلسفة وثقافة محددة له ثوابت ومرونة لاحداث تغيرات وتحولات ونقلات نوعية فالثابت محدود والمتغيرات كبيرة. بل يمكن القول ان الثابت قد يصل الى ٥% والمتغير ٩٥%. هذه المتغيرات تتطلب أن نعلم ونربي طلابنا على الابداع والابتكار وإعمال القلب والعقل والافعال لتحقيق مصالح ومنافع للمجتمع في ضوء منظومة قيمية وأخلاقية ثابتة تعزز المسار وتؤكد التوجه وتحقق رفاهية الانسان بجميع مكونات شخصيته العاطفية والعقلية والجسمية والنفسية والاجتماعية والروحية بشكل متوازن ومتكامل للفرد والأسرة والمجتمع والانسانية.
وحتى تتحقق فاعلية الانسان في حياته الشخصية والاجتماعية فعلى النظام التعليمي ان يتعامل مع طبيعة الانسان وفطرته. ومن ذلك ان يؤكد النظام على ان يجعل التعلم محببا للمتعلم محررا له نفسيا وعقليا ووجدانيا واجتماعيا وايمانيا. وهذا يتطلب التعامل مع قلبه اولا ثم عقله ثانيا ثم افعاله القولية والعملية ثالثا ومحققا لتوجيهه وارشاده في الحياة فيرتبط التعليم بالواقع الحياتي ويجب ان يكون جزءا منه يتم على ارض الواقع الحياتي بجوانبها المختلفة. وهذه الانشطة التعليمية التعلمية  تضبطها قيم واخلاق تغرس وتنمى مع مرور الزمن فتجعله بناء لا هداما ومغيرا ايجابيا لا مغيرا سلبيا. 
ومن متطلبات ذلك اعداد جديد للطواقم القيادية والادارية بما يناسب الثابت والمتغيرات واعادة هيكلة النظام التعليمي وتطوير انظمة فعالة واعادة النظر في عملية التاهيل التربوي والعلمي للمعلمين مع نظام وسياسة جديدة لاستقطاب  المعلمين المتميزين  وتحفيزهم والحفاظ عليهم. ومن ثم التطوير المستمر للمناهج والانشطة بمايناسب العصر والواقع ليس في الثمانين السنة المتبقية  من القرن ٢١ السنة فكل شيء في حاجة الى اعادة نظر كل عشر سنوات على الاقل بناء على التغذية الراجعة والاتجاهات العالمية.
فالتعليم المدرسي قبل عشرين سنة مختلف على ماهو عليه الان. وكما هو معلوم ان العديد من التخصصات الجامعية قد استحدثت وعدد منها قد اختفى خلال العقدين الماضيين. 
توفير مركز وطني للبحث والتطوير  يديره مؤهلون ومقتدرون يقوم بعملية تسديد وتوجيه القرارات التربوية لدى صناع القرار  من خلال دراسة الواقع و وانظمة العالم والتطوير المستمر لما يتم التوصل اليه.
اعتقد اننا اليوم اكثر من اي وقت مضى في حاجة الى تبنى التكامل المعرفي لحل تحديات وقضايا الحياة سواء في التعليم المدرسي او الجامعي او في تنفيذ البحوث العلمية حتى تكون ذات علاقة  مباشرة بحياة الناس. 
فلايكفي ان نفعل دور القلب والعقل والقول والعمل للطلبة  فحسب بل يجب ان يتعدى ذلك الى خروج الطلبة للمشاركة في فهم قضايا الحياة بروح ابداعية واستشعار دورهم في رفاهية المجتمع وتحمل مسؤولياتهم منذ بدء الدراسة. اصبح الاطفال يتعلمون اكثر من خارج المدرسة ففرص التعلم قد توسعت ولم يواكب النظام التعليمي ما يجري في الحياة فبدلا من ان يقود المجتمع لحياة افضل اصبح النظام التعلمي يقاد من خارج المؤسسات التعليمية. واصبح الطلبة بعيدين عن الواقع والمتخرجون لايفهمون الحياة بل عليهم  أن يذهبوا الى مؤيسات المجتمع للتعلم بعد التخرج. وهذه معضلة كبيرة وكاننا اصبحنا نعلم للحصول على شهادة لاتسمن ولا تغني من جوع.
اصبح التوجه اليوم للشخصية الناجحة في بداية القرن ٢١ ان يتعلم التفكير السليم واتخاذ القرار المنتج واستشعار روح المسؤولية والمرونة  مع الحكمة البالغة في التعامل مع الافراد والمجتمعات في العالم. الفرد ممكن يولد في احدى القرى النائية ويتعلم في احدى المدن ويعمل في بلدان مختلفة الثقافات والمستويات الاقتصادية والتقنية. كما عليه ان يتقن المهارات الحياتية والتقنية اللازمة لتفعيل دوره في الحياة مثل مهارات الاتصال وحل المشكلات واتخاذ القرارات وتعلم اللغات مع ثقة بالنفس والتحلي بروح المبادرة والعمل بروح الفريق والتحلي باخلاقيات التعامل والقيم المحفزة للانتاجية وتطوير الاداء. 
اصبحت المعرفة التخصصة بعلم واحد فقط مع تدني الاهتمام بتنمية جوانب الشخصية المختلفة لا تكفي لتنمية فرد فاعل وناجح في الحياة. 
ولتحقيق ذلك كله فنحن في حاجة الى قيادات مجتمعية وسياسية مدركة لروح المسؤولية وتوظيف القدرات التخصصية في مجالات التعليم للمساهمة في توجيه عملية القرار وتصويبه. ان المشاهد.لواقع التعليم والتربية اليوم في اليوم ليشعر بالحزن على مستقبل اليمن واليمنيين. وعلينا ان نواصل عملية التوعية بشكل مستمر دون يأس او قنوط. علينا ان نواصل مسيرة التوعية والتطوير لتاتي لحظات الخروج من المازق الحالي لنقوم في المساهمة الجادة في تطوير وتنمية بلادنا. قد يستغرب احدكم انني لم اتطرق الى الجانب المالي فرغم أهميته الا ان الانسان لاسيما القادة في الجميع المستويات هم من يولدون المال ويديرونه بفعالية. المال لا يصنع الناس الناجحين بل الناس الناجحين يصنعون المال. ولا داعي للحديث عن دول صنعت المال من هلال صناعة القادة ولينظر كل منا الى حال العديد من الدول مثل كوريا الجنوبية والصين وفيتنام وسنغافورة وتركيا وغيرها. ولننظر لدول لديها المال ولازالت في ذيل القافلة. 
وفق الله الجميع لخدمة مجتمعنا وامتنا والانسانية.

الخميس، 6 فبراير 2020

إيليا أبو ماضي ذات شعر مسبل

ذاتُ شَعرٍ مُسبَلٍ كَالأُفعُوان
        يَتهادى فَوقَ رِدفٍ كَالكَئيبْ

وَقَوامٌ لَو رَآهُ الغُصنُ بان
        خَجِلاً مِن ذَلِكَ الغُصنِ الرَطيبْ

كادَ لَولا مابِهِ مِن عُنفُوان
        يَقِفُ الوِرقُ بِه وَالعَندَليبْ

إيليا أبو ماضي .