السبت، 14 سبتمبر 2019

المسرح في مدرسة الحرية بني علي أعبوس

الانشطة المدرسيٌة لمدرسة البعث الاهلية (الحرية للبنات حاليا)

كانت هناك عدٌد من الانشطة التًي ٌتم ممارستها ومزاولتها فًي إطار العملٌية التعليٌمٌية منها الرٌياضة البدنٌية والحركة الكشفيٌة والنشاط الثقافيً لكن أهمها على الاطلاق كان النشاط المسرحيً .. إذ مع بلوغ المدرسة عامها الأول ٌتم إقامة احتفال بهذه المناسبة وذلك فيً ٘محرم 1378هـ / 1958م ونظراً للنجاح الكبٌير الذي حققه الاحتفال الاول فقد أصبح ذلك تقليٌداً راسخاً.. غير أن موعده تغؽٌر فيٌما بعد ليٌصبح فيً عٌيد الاضحى من كل عام لتواجد الناس أٌيام العيٌد فيً القرٌية، وقد انتقلت هذه الظاهرة لتصبح تقليداً راسخاً في ً كل مدرسة من مدارس الاعبوس..
وٌيعتبر الأستاذ/ عبدالواحد عبده عثمان هو أول من أوجد المسرح المدرسيً فيً الاعبوس حيٌث قدم اقتراحاً إلى مديٌر المدرسة الأستاذ/ عبد الحافظ محمد طاهر آنذاك بضرورة إقامة عروض مسرحيٌة فيً المدرسة – ومن حسن الحظ – أن المدٌير كان متفهماً لطبٌيعة العمل المسرحيً وأهميٌته فوافق على الاقتراح دون تردد، وأصبحت ظاهرة التمثيٌل تقلٌيداً راسخاً ٌيقام كل عام.. فتوالت الاحتفالات السنوٌية وقدمت فيٌها المسرحٌيات المختلفة التيً نالت إعجاب الناس كان حال التمثٌيل فيً مدرسة الحريٌة (البعث الاهلٌية سابقاً).. وكانت عروضها متنوعة منها التمثيٌلٌات التارٌيخيٌة ومنها التمثيٌلٌات الاجتماعيٌة المحليٌة بعضها شعريٌة والاخرى نثرٌية..
وٌيمكن القول أن الأستاذ/عبدالواحد عبده عثمان يٌعتبر رائد الظاهرة المسرحيٌة المدرسٌية وصاحب الفكرة الاولى لأنشاء المسرح المدرسيً في قرٌية بني علي أعبوس وشمال اليمن انذاك..

فكرة الاحتفالات السنوية:
يٌقول الاستاذ/عبدالواحد رحمه الله فيً خلال عمليً بمدرسة البعث الاهلية الخيرية منذ انضماميً إلى العمل فٌيها برجب 77ٖٔهـ إلى جانب الاستاذ/عبد الحافظ كنا مدرسيٌن اثنيٌن الاستاذ/عبد الحافظ ٌيتولى شئون الصف الثانيً وأنا أتولى شئون الصف الاول حتى نهاٌية العام 77ٖٔهـ/57م وعند افتتاح العام الجدٌيد 58م أقمنا حفلة بمناسبة بلوغ المدرسة عامها الدراسيً الاول وكانت هذه الفكرة قد طرأت لًي وأنا فيً عدن وذلك نتيٌجة لاحتفال جرى فيً جزء آخر من الوطن الٌيمنًي فًي حضرموت حٌيث تقٌيم مدرسة غيل باوزٌير المتوسطة حفلا سنوٌياً عندما تكمل عاماً من أعوامها منذ افتتحت أبوابها للتعلٌيم.. وكانت الحفلة تلك السنة ناجحة جداً حٌيث قام الطلبة بتمثٌيليات ناجحة.. كانت إحدى التمثٌيليات (مصرع الخونة) والتيً لاقت استحساناً كبيٌراً من المواطنٌين وعبرت عن الادارة المكبوتة.. وبٌينما سر المواطنون من هذه التمثٌيليٌة الوطنية الناجحة غضب ممثل الاحتلال الانجلٌيزي هناك وهو المستشار المقٌيم فيً السلطنة القعٌيطيٌة وسائر الخونة المارقٌين الضالعيٌن مع الاستعمار.. وتحركت الدمى حسب أمر المستشار وهدد المديٌر الوطنيً وهو من آل باوزيٌر اسمه سالم يعقوب باوزيٌر، ووصفه بأقبح الاوصاف والنعوت وأغلقت المدرسة وقام آباء الطلبة بمساعدة المديٌر والمدرسيٌن الوطنٌٌين وامتنعوا عن إرسال أولادهم إلى المدرسة إذ عزل المديٌر والمدرسيٌن من مناصبهم ولم يٌرضخ ممثل الاحتلال لرغبة المواطنيٌن وتصميٌمهم على بقاء المديٌر الوطنيً فيً المدرسة.. أما الدمى فإنها دمى لا تتحرك إلا بعد صاحبها عندما ٌحركها واستمر اضراب الطلبة عن الحضور إلى المدرسة مع استمرار تعنت رسول الاحتلال ووقوفه أمام رغبة الاهاليً حتى انتصر الباطل وإن كان انتصار الباطل والظلم مؤقتاً، وفتحت المدرسة ولكن بمديٌر غير المديٌر الوطنًي باوزيٌر وبمدرسيٌن غيٌر زملاء المدٌير.. ورضخ الاهاليً لارسال اولادهم خوفاً من أن تضٌيع أمامهم فرصة التعلٌيم وإن كانت الوطنٌية لا تخبو من صدورهم..
وقامت ضجة كبرى بحضرموت وعدن بسبب هذه القضيه ونشرت الصحف العدنيه موضوعات كثيٌرة وكان إعجابي شدٌيداً بوطنيٌة الاستاذ/باوزير وشجاعته ويكفيه فخراً أن قام الشعب بجانبه ٌسنده وٌشد من أزره وإن كان قد حرم الشعب نتيجة لذلك تنحيٌة الاستاذ/ باوزير عن حقل التعليم وإن كان أٌيضاً قد برز أمام الاستاذ/ باوزير شبح التشرد والتعطل عن العمل فيً بلاده حيث لا محل للعمل أمام المواطنين الشرفاء في بلادهم إلا إذا كانوا مطايا للاحتلال.. 
وعندما التحقت بالعمل في المدرسة (البعث الاهلية) كان يٌدور فيً خاطري إقامة حفل بمناسبة بلوغ المدرسة عامها الاول وجعلها عادة متبعة يحتفل بها كل عام.. وعندما باشرت العمل فيً المدرسة وضعت الفكرة أمام الاستاذ/ عبد الحافظ فاستحسنها وتحمس لها وفًي أول السنة الجديدة 78هـ وبالضبط فيً الخامس من محرم وضعت الفكرة موضع التنفٌيذ وكنا قد وزعنا بطاقات الدعوة على المواطنٌين فيً قريةبني علي التيً تقع فيها المدرسة وفي القرى المجاورة.. وكان أملنا ضعيٌفاً في أن يلبيً المواطنين دعوتناحيٌث أن مثل هذه الدعوة تعد الاولى من نوعها وحٌيث أن الناس فًي بلادنا عادة يجتمعون الا على مضغ القات في مناسبة زواج أو جمع لزيٌارة بعض الاولٌياء وقلما ٌحضر أبناء قريٌة إلى قريٌة مجاورة..  وقلنا فلتكن تجربة ولا ٌهمنا أن تفشل وٌكفا ٌنا أن يحضر مثلاً عشرٌين شخصاً من جملة الذيٌن دعوناهم وإن لم يٌحضروا فلنجعلها حفلة لنا ولطلبة المدرسة الذيٌن ٌيبلغون أكثر من ستيٌن طالباً وهو عدد لم نكن نحلم به.. وكان موعد الحفلة بعد المغرب فهطلت فًي ذلك اليٌوم من العصر أمطاراً متواصلة حتى بعد المغرب وكنا قد صفيٌنا المقاعد الموجودة بالساحة وهي المقاعد المخصصة للطلبة فًي صفوفهم..
كان لهطول الامطار عصر ذلك اليٌوم إلى ما بعد المغرب مع وعورة الطرٌق فيً بلادنا وما تسببه الامطار من المستنقعات والانزلاقات عاملاً مثبطاً لنا، ولكن الحمد لله فما ان بدأ الظلام يلوح حتى بدأت تلمع في جهات متفرقة الاضواء الكبيرة، أضواء مصابيح البترومكس الالمانية، واستبشرنا بذلك وبدأت وفود المواطنين الزاحفة إلى المدرسة تصل أفراداً وجماعات وقد استعملوا أغطيتهم على رؤوسهم لتقيهم المطر ومنهم من استعمل الشمسية (المظلة) الواقية من المطر والشمس، وانتظرنا حتى السابعة والنصف وكان موعد ابتداء الحفل هو السابعة كما حددناه في البطاقات، ولكن ُبعد الطريق ووعورتها مع إضافة هطول الامطار جعلنا نؤخر موعد الحفل، وحتى السابعة والنصف والمواطنين لا زالوا يتقاطرون مع تقاطر المطر الخفيف.. وتوقف المطر وتلطف الجو وانتعشت النفوس وغصت الساحة بالحاضرين وملئت المقاعد الموجودة واعتلى الحاضرون اسطح المدرسة وارفف الجبل  المجاورة للساحة ووقف البعض خلف المقاعد وأحيلت أسطح المدرسة وساحتها إلى شعلة متوهجة من كثرة الاضواء.. وكنا قد دربنا الطلبة على القيام بإلقاء الخطب (الكلمات) والتمثيليات المناسبة.. وبدأ الحفل في تمام الثامنة مساًء بعد أداء صلاة العشاء، واستمر برنامج الحفل أكثر من ساعتين إذ اشتمل على القاء الكلمات والقصائد الشعرية والاناشيد والتمثيليات من قبل الطلاب، حيث قدمت في هذا الحفل تمثيليتين احداهما (عاشق الذهب) والاخرى من تأليف الاستاذ/عبد الحافظ حول (إدمان مضغ القات)، ولقد كان إعجاب المواطنين كبيراً وسرورهم بالغاً لما شاهدوه..
نفذ الحفل في قرية بني علي اعبوس إحدى القرى اليمنية الصغيرة في قضاء الحجرية لواء تعز، والفكرة من هناك (من حضرموت) البلدة اليمنية أيضاً..
وهنا تجدر الاشارة إلى أن هناك من أعتقد أن مسرحية (مصرع الخيانة أو الخونة) هي أولى المسرحيات التي قدمت على مسرح مدرسة البعث الاهليه (الحريه) في أول احتفال لها وهو في الواقع خطأ ربما غير مقصود وقعوا فيه، لكن الحقيقة أن أول تمثيلية أو مسرحية كما ذكر مؤسس ورائد الظاهرة المسرحية في الاعبوس كانت مسرحية (عاشق الذهب)..
المصدر: مذكرات الأستاذ/عبد الواحد عبده عثمان رحمه الله وطيب ثراه..
يتبع: بقية الانشطة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق